فصل: سنة ثمان وسبعين وخمس مائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: العبر في خبر من غبر (نسخة منقحة)



.سنة سبع وسبعين وخمس مائة:

فيها توفي الملك الصالح أبو الفتح إسماعيل ابن السلطان نور الدين محمود بن زنكي.
ختنه أبوه وعمل وقتًا باهرًا وزينت دمشق ثم مات أبوه بعد ختانه بأيام وأوصى له بالسلطنة فلم يتم وبقيت له حلب وكان شابًا أديبًا عاقلًا محببًا إلى الحلبيين إلى الغاية بحيث أنهم قاتلوا عن حلب صلاح الدين قتال الموت وما تركوا شيئًا من مجهودهم.
ولما مرض بالقولنج في رجب ومات أقاموا عليه المأتم وبالغوا في النوح والبكاء وفرشوا الرماد في الطرق.
وكان له تسع عشرة سنة وأوصى بحلب لابن عمه عز الدين مسعود بن مودود فجأء وتملكها.
والكمال ابن الأنباري النحوي العبد الصالح أبو البركات عبد الرحمن ابن محمد بن عبيد الله.
تفقه بالنظامية على بن الرزاز وأخذ النحو عن ابن الشجري واللغة عن ابن الجواليقي.
وبرع في الأدب حتى صار شيخ العراق.
توفي في شعبان وله أربع وستون سنة.
وكان زاهدًا عابدًا مخلصًا ناسكًا تاركًا الدنيا له مائة وثلاثون مصنفًا في الفقه والأصول والزهد وأكثرها في فنون العربية فرحمه الله.
وشيخ الشيوخ أبو الفتح عمر بن علي بن الزاهد محمد بن علي بن حمويه الجويني الصوفي وله أربع وستون سنة.
روى عن جده والفراوي وطائفة.
وولاه نور الدين مشيخة الشيوخ بالشام وكان وافر الحرمة.

.سنة ثمان وسبعين وخمس مائة:

فيها سار صلاح الدين فافتتح حران وسروج وسنجار ونصيبين والرقة والبيرة.
ونازل الموصل فحاصرها وتحير من حصانتها ثم جاءه رسول الخليفة يأمره بالترحل عنها.
فرحل ورجع فأخذ حلب من عز الدين مسعود الأتابكي وعوضه بسنجار.
وفيها لبس لباس الفتوة الناصر لدين الله من شيخ الفتوة عبد الجبار ولهج بذلك وبقي يلبس الملوك.
وإنما كمال المروة ترك لبس الفتوة.
وفيها بعث صلاح الدين أخاه سبف الإسلام طغتكين على مملكة اليمن فدخلها وتسلمها من نواب أخيه.
وفيها مات نائب دمشق فرخشاه وولي بعده شمس الدين محمد بن المقدم وفيها توفي أحمد بن الرفاعي الزاهد القدوة أبو العباس بن علي بن أحمد.
وكان أبوه قد نزل البطائح بالعراق بقرية أم عبيدة فتزوج بأخت الشيخ منصور الزاهد.
فولد له الشيخ أحمد في سنة خمس مائة.
وتفقه قليلًا على مذهب الشافعي.
وكان إليه المنتهى في التواضع والقناعة ولين الكلمة والذل والانكسار الإزراء على نفسه وسلامة الباطن ولكن أصحابه فيهم الجيد الرديء وقد كثر الزغل فيهم وتجددت لهم أحوال شيطانية منذ أخذت التتار العراق: من دخول النيران وركوب السباع واللعب بالحيات.
وهذا ما عرفه الشيخ ولا صلحاء أصحابه.
فنعوذ بالله من الشيطان.
وأبو طالب الخضر بن هبة الله بن أحمد بن طاوس الدمشقي المقرئ.
آخر من قرأ على أبي الوحش سبيع وآخر من سمع على الشريف النسيب.
توفي في شوال وله ست وثمانون سنة.
وأبو القاسم بن بشكوال خلف بن عبد الملك بن مسعود أبو القاسم الأنصاري القرطبي الحافظ محدث الأندلس ومؤرخها ومسندها وله أربع وثمانون سنة.
سمع أبا محمد بن عتاب وأبا بحر بن العاص وطبقتهما.
وأجاز له أبو علي الصدفي.
وله عدة تصانيف.
توفي في ثامن رمضان.
وخطيب الموصل أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد عبد القاهر الطوسي ثم البغدادي.
ولد في صفر سنة سبع وثمانين وسمع حضورًا من طراد والنعالي وغيرهما.
وسمع من ابن البطر وابي بكر الطريثيثي وخلق.
وكان ثقة في نفسه.
توفي في رمضان.
قال ابن النجار: كان قرا الفقه والأصول على الكيا الهراسي وأبي بكر الشاشي والأدب على أبي زكريا التبريزي وولي خطابة الموصل زمانًا وتفرد في الدنيا وقصده الرحالون.
وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن علي بن حمنيس البغدادي السراج.
سمع أبا الحسن بن العلاف وأبا سعد بن خشيش وجماعة.
قال ابن الأخضر: كان لايحسن يصلي ولا أن يقول التحيات.
قلت توفي في رجب.
وفروخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي عز الدين صاحب بعلبك وأبو صاحبها الملك الأمجد ونائب دمشق لعمه صلاح الدين.
كان ذا معروف وبر وتواضع وأدب.
وكان للتاج الكندي به اختصاص.
توفي بدمشق ودفن بقبته التي بمدرسته على الشرف الشمالي في جمادى الأولى وهو أخو صاحب حماة تقي الدين.
والقطب النيسابوري الفقيه العلامة أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود الطرثيثي الشافعي.
ولد سنةخمس وخمس مائة وتفقه على محمد بن يحيى صاحب الغزالي وتأدب على أبيه وسمع من هبة الله السيدي وجماعة وبرع في الوعظ وحصل له القبول ببغداد ثم قدم دمشق سنة أربعين.
وأقبلوا عليه.
ودرس بالمجاهدية والغزالية.
ثم خرج إلى حلب ودرس بالمدرستين اللتين بناهما نور الدين وأسد الدين.
ثم ذهب إلى همذان فدرس بها.
ثم عاد بعد مدة إلى دمشق ودرس بالغزالية.
وانتهت إليه رئاسة المذهب بدمشق.
وكان حسن الأخلاق قليل التصنع مات في سلخ رمضان.
ودفن يوم العيد بتربته.
وأبو محمد بن الشيرازي هبة الله بن محمد بن هبة الله بن مميل البغدادي المعدل الصوفي الواعظ.
سمع أبا علي بن نبهان وغيره.
وقدم دمشق سنة ثلاثين وخمس مائة وهو شاب.
فسكنها وأم بمشهد علي وفوض إليه عقد الأنكحة.
توفي في ربيع الأول وهو في عشر الثمانين.
وأم بعده بالمشهد ابنه القاضي شمس الدين أبو نصر محمد.
وأبو الفضل وفاء بن أسعد التركي الخباز.
روى عن أبي القاسم بن بيان وجماعة.
توفي في ربيع الآخر وكان شيخًا صالحًا.

.سنة تسع وسبعين وخمس مائة:

في أولها نازل صلاح الدين حلب وبها عماد الدين مسعود فاقتتلوا ثم وقع الصلح فقتل عليها جماعة.
وفيها توفي بوري تاج الملوك مجد الدين أخو السلطان صلاح الدين وله ثلاث وعشرون سنة.
وتقية بنت غيث بن علي الأرمنازي الشاعرة المحسنة.
لها شعر سائر.
وكانت امرأة برزة جلدة.
مدحت تقي الدين عمر صاحب حماة والكبار وعاشت أربعًا وسبعين سنة.
ولها ابن محدث معروف.
وأبو الفتح الخرقي عبد الله بن أحمد بن أبي الفتح الإصبهاني مسند إصبهان.
سمع أبا مطيع المصري وأحمد بن عبد الله الشوذرجاني وانفرد بالرواية عن جماعة.
توفي في رجب وله تسع وثمانون سنة وكان رجلًا صالحًا.
والأبلة الشاعر صاحب الديوان أبو عبد الله محمد بن بختيار البغدادي.
ساب ظريف وشاعر مفلق بزي الجند.
وقيل له الأبله بالضد.
توفي في جمادى الأخرة.
ومحمد بن جعفر بن عقيل أبو العلاء البصري ثم البغدادي المقرئ.
قرأ القراءات على أبي الخير الغسال وسمع من ابن بيان وأبي النرسي وعاش ثلاثًا وتسعين سنة.
وأبو طالب الكتاني محمد بن أحمد بن علي الواسطي المحتسب.
توفي في المحرم وله أربع وتسعون سنة.
سمع من محمد بن علي بن أبي الصقر الشاعر وأبي نعيم الجماري وطائفة.
وانفرد بإجازة أبي طاهر أحمد بن الحسن الكرجي والباقلاتي وجماعة.
ورحل إلى بغداد فلحق بها أبا الحسن بن العلاف وكان ثقة دينًا ويونس بن محمد بن منعة الإمام رضي الدين الموصلي الشافعي والد العلامة كمال الدين موسى وعماد الدين محمد.
تفقه على الحسين بن نصر بن خميس وببغداد على أبي منصور الرزاز.
ودرس وأفتى وناظر وتفقه به جماعة.
توفي في المحرم وله ثمان وستون سنة.

.سنة ثمانين وخمس مائة:

فيها نازل صلاح الدين الكرك.
ونصب عليها المجانيق.
فجاءتها نجدات الفرنج وطلبوا وأجلبوا.
فرأى أن حصارها يطول.
فسار وهجم على نابلس فنهب وسبى.
وفيها توفي إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق الملك قطب الدين صاحب ماردين التركماني.
وليها بعد أبيه مدة.
وكان موصوفًا بالشجاعة والعدل.
توفي في جمادى الآخرة.
ومحمد بن حمزة بن أبي الصقر أبو عبد الله القرشي الدمشقي الشروطي المعدل.
توفي في صفر وله إحدى وثمانون سنة.
وكان ثقة صاحب حديث.
سمع من هبة الله بن الأكفاني وطائفة.
ورحل فسمع من هبة الله بن الطبر وفاضي المرستان.
وكتب الكثير وأفاد.
وكان شروطي البلد.
والسلطان يوسف بن عبد المؤمن بن علي القيسي أبو يعقوب صاحب المغرب.
كان أبوه قد جعل الأمر بعده لولده محمد وكان طياشًا شريبًا للخمر فخلعه الموحدون بعد شهر ونصف.
واتفقوا على بيعة أبي يعقوب.
وكان أبيض مشربًا بحمرة أسود الشعر مستدير الوجه أعين أفوه حلو الكلام مليح المفاكهة يصيرًا باللغة وأيام الناس قوي المشاركةفي الحديث والقرآن وغير ذلك.
وقيل إنه كان يحفظ أحد الصحيحين.
وكان شيخًا جوادًا همامًا له همة في أيام خلافته في الفلسفة.
وكان لا يكاد يفارق محمد بن طفيل الفيلسوف.
وأما الممالك فافتتح ما لم يتهيأ لأبيه من الأندلس وغيرها.
وهادن ملك صقلية على جزية يحملها وكان يملي أحاديث الجهاد بنفسه على الموحدين.
وتجهز لغزو النصارى واستنفر الخلق في سنة تسع وسبعين ودخل الأندلس فنازل مدينة سنترين وهي لابن الدنق الفرنجي مدة ثم تكلموا في الرحيل.
فتسابق الجيش حتى بقي أبو يعقوب في قل من الناس.
فانتهزت الملاعين الفرصة وخرجوا فحملوا على الناس فهزموهم.
وأحاطت الفرنج بالمخيم فقتل على بابه طائفة من أعيان الجند وخلص إلى أبي يعقوب فطعن في بطنه.
ومات بعد أيام يسيرة في رجب وبايعوا , ولده يعقوب.

.سنة إحدى وثمانين وخمس مائة:

فيها نازل صلاح الدين الموصل.
وكانت قد سارت إلى خدمته ابنة الملك نور الدين محمود زوجة عز الدين صاحب البلد وخضعت له فردها خائبة.
وحصر الموصل.
فبذل أهلها نفوسهم وقاتلوا أشد قتال.
فندم وترحل عنهم لحصانتها.
ثم نزل على ميافارقين فأخذها بالأمان ثم رد إلى الموصل وحاصرها أيضًا ثم وقع الصلح على أن يخطبوا له وأن يكون صاحبها طوعه وأن يكون لصلاح الدين شهرزور وحصنوها ثم رحل فمرض واشتد مرضه بحران حتى أرجفوا بموته وسقط شعر لحيته ورأسه.
وفيها هاجت الفتنة العظيمة بين التركمان وبين الأكراد بالجزيرة وأذربيجان وغلب من أجلها وتمادى تطاولها.
وقتل من الفريقين خلق لا يحصون وتقطعت السبل.
وفيها استولى ابن غانية الملثم على أكثر بلاد أفريقية وخطب للناصر العباسي وبعث رسوله يطلب التقليد بالسلطنة.
وفيها توفي صدر الإسلام أبو الطاهر بن عوف بن إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عيسى بن عوف الزهري الإسكندراني المالكي في شعبان وله ست وتسعون سنة.
تفقه على أبي بكر الطرطوشي وسمع منه ومن أبي عبد الله الرازي وبرع في المذهب وتخرج به الأصحاب وقصده السلطان صلاح الدين وسمع منه الموطأ.
ومحمد البهلوان بن إلذكر الأتابك شمس الدين صاحب أذربيجان وعراق العجم.
توفي في آخر السنة وقام بعده أخوه قزل.
وكان السلطان طغرل السلجوقي من تحت حكم البهلوان كما كان أرسلان شاه من تحت حكم أبيه الذكر.
ويقال كان للبهلوان خمسة آلاف مملوك.
والشيخ حياة بن قيس الحراني الزاهد القدوة شيخ أهل حران وصالحهم المشهور.
توفي في سلخ جمادى الأولى وله ثمانون سنة.
وكان صاحب زاوية وأتباع.
زاره نور الدين ثم صلاح الدين.
وأبو اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد التنوخي المعري ثم الدمشقي صاحب ديوان الإنشاء في الدولة النورية.
عاش خمسًا وثمانين سنة.
والمهذب بن الدهان عبد الله بن أسعد بن علي الموصلي الفقيه الشافعي الأديب الشاعر النحوي ذو الفنون.
توفي بحمص في شعبان.
وكان مدرسًا بها.
وعبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله أبو محمد الأزدي الإشبيلي الحافظ ويعرف بابن الخراط.
أحد الأعلام ومؤلف الأحكام الكبرى والصغرى والجمع بين الصحيحين وكتاب الغريبين في اللغة وكتاب الجمع بين الكتب الستة وغير ذلك روى عن أبي الحسن شريح وجماعة نزل بجاية وولي خطابتها وبها.
توفي بعد محنة لحقته من الدولة في ربيع الآخر عن إحدى وسبعين سنة.
وكان مع جلالته في العلم قانعًا متعففًا موصوفًا بالصلاح والورع ولزوم السنة.
والسهيلي أبو زيد وأبو القاسم وأبو الحسن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد العلامة الأندلسي المالقي النحوي الحافظ العلم صاحب التصانيف.
أخذ القراءات عن سليمان بن يحيى وجماعة وروى عن أبين العربي والكبار وبرع في العربية واللغات والأخبار والأثر وتصدر للإفادة.
توفي في شعبان في اليوم الذي توفي فيه شيخ الاسكندرية أبو الطاهر بن عوف وعاش اثنتين وسبعين سنة.
وعبد الرزاق بن نصر المسلم الدمشقي النجار.
روى عن أبي طاهر بن الحنائي وأبي الحسن بن الموازيني وجماعة توفي في ربيع الآخر عن أربع وثمانين سنة.
وابن شاتيل أبو الفتح عبيد الله بن غبد الله بن محمد بن نجا الدباس مسند بغداد.
سمع الحسين بن البسري وأبا غالب بن الباقلاني وجماعة.
تفرد بالرواية عن بعضهم.
ووهم من قال: إنه سمع من ابن البطر.
توفي في رجب عن تسعين سنة.
وعصمة الدين الخاتون بنت الأمير معين الدين أنر زوجة نور الدين ثم صلاح الدين.
وواقفة المدرسة التي بدمشق للحنفية والخانكاه التي بظاهر دمشق توفيت في ذي القعدة ودفنت بتربتها التي هي تجاه قبة جركس بالجبل.
والميانشي أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشي شيخ الحرم.
تناول من أبي عبد الله الرازي سداسياته وسمع من جماعة وله كراس في علم الحديث.
توفي بمكة.
والبانياسي أبو المجد الفضل بن الحسين الحميري عفيف الدين الدمشقي.
روى عن أبي القاسم الكلابي وأبي الحسن بن الموازيني.
توفي في شوال وله ست وثمانون سنة.
وصاحب حمص الملك ناصر الدين محمد بن الملك أسد الدين شيركوه وابن عم السلطان صلاح الدين.
كان فارسًا شجاعًا جريئًا متطلعًا إلى السلطنة.
قيل إنه قتله الخمر وقيل بل سقي السم. مات يوم عرفة.
وأبو سعد الصائغ محمد بن عبد الواحد الإصبهاني المحدث.
روى عن غانم البرجي والحداد وخلق.
وأبو موسى المديني محمد بن أبي بكر عمر بن أحمد بن غانم البرجي وجماعة من أصحاب أبي نعيم.
ولم يخلف بعده مثله.
مات في جمادى الأولى.
وكان مع براعته في الحفظ والرجال صاحب ورع وعبادة وجلالة وتقى.